لم يصدق المصريون ومعهم العرب الشرفاء، ما شاهدته أعينهم في قناة السويس عند عبور الغواصة الإسرائيلية ( دولفين ) بحراسة زوارق الجيش المصري، وبإذن من الاجهزة الأمنية المصرية والسلطة السياسية، في سابقة تؤشر إلى انقلاب الأهداف والتحالفات ومصطلحات السيادة والأمن القومي .
حيث أن عبور الغواصة الإسرائيلية وفق ما صرح به قادة العدو، هواستعراض للقوة مقابل ايران ومناورة تمهيدية لضرب منشآتها النووية، وهو في الحقيقة استعراض للقوة وتهديد للعرب بأن لا يبالغوا في مطالبهم لتحقيق السلام، سواء بوقف الإستيطان أو للتراجع عن تهويد القدس أو ضرورة عودة اللاجئين، وعندما عبرت الغواصة الإسرائيلية قناة السويس التي أممها الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، وما تبعها من حرب السويس في العدوان الثلاثي ضد مصر العربيةعام 1956، وكأن التاريخ يعيد نفسه عندما داس أحد قادة الحروب الصليبية قبر صلاح الدين الأيوبي متهكما ..(ها قد عدنا يا صلاح الدين) حيث داس الاحتلال على رفات شهداء الجيش المصري الذين سقطوا في حرب أكتوبر عام 1973 وهم يعبرون القناة ويدمرون خط بارليف، ليطهروا الأرض المصرية من دنس الاحتلال.
وكأن الغواصة الإسرائيلية بجنودها، تبحر في دماء الأسرى المصريين الذين أعدمهم جيش الاحتلال في صحراء سيناء، بينما يصارع الفلسطينيون الجوع ، في غزة المحاصرة بين معابر الاحتلال المقفلة ،ومعبر رفح المصري الذي صرح وزير خارجية مصر أبو الغيط يوما، أنه سيكسر أقدام كل مدني فلسطيني يتجاوز معبر رفح، طلبا لرغيف الخبز أو للعلاج أو لتهريب كيس طحين، ولم يكسر مراوح الغواصة الإسرائيلية.
وعلى مشارف التحضير لموسم الحج المبارك المفروض من الله سبحانه وتعالى يتساءل الفلسطينييون في غزة هل سيفتح معبر رفح أمام حجاج غزة كما فتحت قناة السويس أمام الغواصة الإسرائيلية...؟ أما أنه سيقفل كما العام الماضي ليمنع الحجاج الفلسطينييون من الوصول إلى مكة، لأن عبورهم ودعائهم يمكن أن يستجاب مما يهدد الأمن القومي المصري والسيادة المصرية، ويتساءل الفلسطينييون والعرب، أنه في زمن محاكمة ما عرف بخلية حزب الله في مصر بقيادة اللبناني سامي شهاب، بتهمة تهريب السلاح الخفيف للمقاومة في غزة مما يهدد الأمن المصري والأمن الإسرائيلي ، بينما تبحر غواصة إسرائيلية في قناة السويس ويلوح بحارتها المحتلون، للمعتقلين في السجون المصرية، ليشمتوا بهم معلنين بأن السلاح باتجاه غزة سيمنعه المصرييون حتى لو كان من السكاكين وحبات الدواء، ولكن الغواصة بمدافعها وصواريخها وقنابلها الحارقة، مسموح لها أن تمر من فلسطين المحتلة إلى المياه العربية والاسلامية، مسموح للاحتلال أن يبحر فوق سطح الماء محروسا بالجيش المصري وممنوع على الفلسطينيين أن يمروا حتى تحت الأرض في أنفاق الموت، التي تحمل فتات الخبز للأطفال والعجزة.
يهدد المفاعل النووي الإسرائيلي، كل العرب والمسلمين منذ عشرات السنين، ولم يخف العرب ولم يتحالفوا مع أحد لعلهم يغلقون هذا المفاعل، المهدد لأمنهم وحياتهم ،ولم يهرعوا لكي ينشؤوا منشآتهم النووية التي تبرع لهم فيها الفرنسييون والأوروبييون.
ويصرح الرئيس المصري بأن العرب في أفضل حالاتهم..؟ كيف لا وهم مشتتون ويتحالفون مع إسرائيل ويطبعون ،ويحرسون حدودها فرادى غير مجتمعين واحدا بعد الاخر.
العراق محتل أميركيا، وفلسطين محتلة إسرائيليا، والصومال تنهشها الحرب الأهلية والتدخل الأثيوبي وموريتانيا تهشمها الإنقلابات والنفايات النووية الإسرائيلية، وجزر القمر تنادي لعل مستثمراعربيا يحول بعض أمواله من البنوك الأميركية المفلسة إلى أراضيها لبناء مصنع أو مستشفى ، وع ذلك فالعرب في أفضل حالاتهم...؟!
لاتتصالح دولة مع دولة ،ولا رئيس مع رئيس، ولا جامعة عربية موحدة أو فعالة أو مستيقظة والعرب في أفضل حالاتهم...؟!
محاور اعتدال تتحالف مع أميركا وإسرائيل، ضد محاور المقاومة الممانعة المتحالفة مع شعوبها لحفظ الأرض والسيادة، محاور مخاصمة يحاصر بعضها بعضا... والعرب في أفضل حالاتهم...؟!
الغاز المصري ( وبسعرمدعوم ) للكيان الإسرائيلي الغاصب.. وقوارير الغاز ممنوعة من التهريب لقطاع غزة... والعرب في أفضل حالاتهم...؟!
يعترض وزيرا الداخلية والخارجية المصريان، ويطعنان في الحكم القضائي المصري الذي يمنع ازدواجية الجنسية الإسرائيلية والمصرية، حتى لا ينزعج الاحتلال والعرب في أفضل حالاتهم...؟!
ينشغل المصريون لاطلاق سراح الجندي الإسرائيلي شاليط ويطمئنون أهله ودولته بأنه بخير، ولكن من يطمئن الفلسطينييون بأن أطفالهم الأسرى ونسائهم الأسرى وعجائزهم وشبابهم الأسرى بخير، لقد صار الزمن العربي عند بعضهم زمنا عبريا لا ينقصه سوى ( قلنسوة ) يهودية على الرأس، إلا أنها إستبدلت بصفعة تلازم رقاب العرب المعتدلين والمتخاذلين الراكضين لعرض شرفهم للبيع، ولم يتراجعواعن مبادرة للسلام، يعرضونها المرة تلو المرة وترفضها إسرائيل، مطالبة أن يعدلوها ويتنازلوا عن بعض بنودها حتى كادت تفرغ من محتواها، ولا زالوا مصرين على عرضها بذل وهوان... والعرب في أفضل حالاتهم ...؟!
انتبهوا فالسيادة لبعض البلدان العربية لاتتحقق إلا بالإنتهاك الإسرائيلي، حتى يرضى السيد الأاميركي فتبقى العروش لملوكها وابنائهم ، والرئاسة للعجائز وابنائهم، والجوع والإستعباد للشعوب وابناؤها..؟